Contact us
Open notifications

إشعارات

  • لا يوجد إشعارات جديدة

     

]

الموجز الاقتصادي الكويتي

الموجز الاقتصادي الكويتي

25.09.2025

 لمحة عامة

تواصل البيانات الاقتصادية الأخيرة الإشارة إلى تحسّن عام في بيئة النمو، مدفوعةً بارتفاع قوي في نمو الائتمان المحلي، وزيادة النشاط في قطاع العقارات، وتنامي أسناد العقود للمشاريع، إلى جانب استمرار مؤشر مديري المشتريات غير النفطي عند مستويات قوية. كما يشهد النمو الاقتصادي دفعة إضافية – ولأول مرة منذ عامين – نتيجة زيادة إنتاج النفط الخام، مع تسارع الكويت في التراجع عن شريحتين سابقتين من تخفيضات الإنتاج التي فرضتها منظمة أوبك. وفي ذات الوقت، تتجه السياسة النقدية نحو مسار أكثر تيسيراً بعد خفض البنك المركزي لسعر الفائدة المرجعي في سبتمبر، فيما جاء عجز المالية العامة أقل من التوقعات للسنة المالية 2024/2025، موفراً قاعدة متينة للعام الجاري. وقمنا بتعديل توقعاتنا لأسعار النفط لعام 2026 إلى 65 دولار للبرميل (من 70 دولار سابقاً)، وهو ما قد يؤدي لاتساع عجز المالية العامة في العام المقبل، إلا أن استمرار إصدار أدوات الدين العام قد يحد من قيود السيولة. كما أن ارتفاع إنتاج النفط أدى لرفع توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعامي 2025 و2026 إلى 2.4% و4.1%، على التوالي، مع تحسن النمو غير النفطي إلى 3.2% في عام 2026 مقابل 2.2% هذا العام، مدعوماً بمكاسب قطاع التكرير.

أحدث التطورات

•    وصل سعر خام التصدير الكويتي إلى نحو 72 دولار للبرميل منتصف سبتمبر، محافظاً على مستواه فوق حاجز 70 دولار في معظم فترات الربع الثالث من العام الحالي (بمتوسط 71.4 دولار للبرميل)، وذلك رغم المخاوف المرتبطة بزيادة المعروض والاقتصاد الكلي العالمي والطلب على النفط نتيجة الرسوم التجارية الدولية. ويعزى ذلك جزئياً إلى تراكم المخزون في آسيا، وتباطؤ الإنتاج بوتيرة أضعف من التوقعات للدول خارج مجموعة الثمانية (OPEC-8)، وإمكانية فرض المزيد من العقوبات على الإمدادات النفطية الروسية والإيرانية. إلا ان استمرار حالة عدم اليقين بشأن الطلب العالمي على النفط وقرار مجموعة الثمانية ضمن الأوبك وحلفاها بتسريع إلغاء الشريحة الثانية من التخفيضات الطوعية للإمدادات (1.65 مليون برميل يومياً) التي تم تطبيقها في عام 2023، بعد إتمام الشريحة الأولى (2.2 مليون برميل يومياً) في سبتمبر قبل موعدها بسنة، قد أدى إلى تعزيز الاتجاه الهبوطي على توقعات الأسعار. وتشير التوقعات في الوقت الحالي إلى أن سوق النفط قد يشهد فائضاً في المعروض وتراكم في المخزون بحلول عام 2026. أما بالنسبة للإنتاج الكويتي، فبلغ مستوى الإنتاج المستهدف لشهر أكتوبر 2.56 مليون برميل يومياً (بزيادة 11 ألف برميل يومياً على أساس شهري).

•    عاد الاقتصاد الكويتي إلى مسار النمو في الربع الأول من عام 2025، إذ ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1% على أساس سنوي مقارنة بانكماش بلغت نسبته -0.7% في الربع السابق، ليسجل بذلك أول توسع منذ الربع الأول من عام 2023. وجاء هذا التحسن مدفوعاً بانكماش الناتج المحلي الإجمالي النفطي هامشياً بنسبة 0.3% فقط على أساس سنوي مقابل 5.7% في الربع السابق، مع انحسار تأثيرات التخفيضات الطوعية للإنتاج (الرسم البياني 1). (التقرير الكامل عن الناتج المحلي الإجمالي من خلال هذا الرابط). أما الاقتصاد غير النفطي فقد تباطأ نموه، إذ تراجع إلى 2%، على أساس سنوي، مقابل 4% في الربع السابق. ويعكس هذا التباطؤ ضعف أداء عدد من القطاعات، أبرزها التصنيع (4.3%) والعقارات (3.2%) والنقل (4.5%). وفي المقابل، تسارعت وتيرة نمو قطاعي الإدارة العامة والدفاع (1%) والوساطة المالية (3.2%)، واللذين يشكلان المكونين الأكبر في الناتج المحلي غير النفطي.

 

 الرسم البياني 1: أهم البيانات الاقتصادية 
 
المصدر: مصادر الرسمية، تقديرات بنك الكويت الوطني، * السنة المالية
 
 الرسم البياني 1: الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 
(دولار/ برميل)
المصدر: المكتب المركزي للإحصاء

 

•    تباطؤ وتيرة نمو نشاط القطاع الخاص غير النفطي في أغسطس. تراجعت قراءة مؤشر مديري المشتريات إلى 53، مسجلاً أدنى مستوى له منذ مارس الماضي، رغم بقائه أعلى بكثير من متوسطه التاريخي البالغ 49 (رابط التقرير). وشهد كل من الإنتاج والطلبات الجديدة نمواً بوتيرة أبطأ، مع استمرار تباطؤ الإنتاج للشهر الرابع على التوالي، وإن بقي كلا المؤشرين عند مستويات قوية في منتصف الخمسينيات. أما على صعيد سوق العمل، فقد استمر التوظيف في تسجيل مكاسب هامشية خلال شهري يوليو وأغسطس. 

•    تراجع إنفاق المستهلكين في الكويت بنسبة 5.4%، على أساس سنوي، خلال الربع الثاني من عام 2025 (استناداً إلى بيانات معاملات البطاقات الصادرة عن بنك الكويت المركزي) للمرة الثانية على التوالي (الرسم البياني 2). ويرتبط جانب كبير من هذا التراجع، في تقديرنا، بمرحلة تصحيح طبيعية بعد فترة من النمو الاستثنائي القوي (خاصة خلال عامي 2021 و2022). إلا أن ضبط الإنفاق الحكومي (خاصة عبر إجراءات الحكومة لضبط بند الأجور)، إلى جانب ارتفاع تكاليف الاقتراض (رغم اتجاهها نحو التراجع) شكلا عوامل إضافية ضاغطة على مستويات الإنفاق الاستهلاكي. 

•    ارتفع معدل تضخم أسعار المستهلكين في الكويت إلى 2.4% في يوليو مدفوعاً بزيادة أسعار الأغذية والمشروبات بنسبة 5.6% على أساس سنوي، في أسرع وتيرة نمو منذ عشرة أشهر (الرسم البياني 3). وفي المقابل، بقي تضخم خدمات الإسكان مستقراً عند 1%، بينما لم تشهد معظم مكونات المؤشر الأساسية تغيرات تذكر، مما ساعد على بقاء معدل التضخم الأساسي ثابتاً عند 2.1%، أي دون المستويات التي تجاوزت 3% في معظم فترات العام الماضي (رابط التقرير). 

•    سجلت المبيعات العقارية أعلى مستوياتها منذ منتصف عام 2018، مواصلة الاتجاه التصاعدي رغم الطبيعة الموسمية لفصل الصيف التي تتسم بالهدوء النسبي. (رابط التقرير). وبلغت قيمة المبيعات 472 مليون دينار في أغسطس، بزيادة تقارب 84% على أساس سنوي، لتسجل بذلك أقوى قراءة شهرية منذ أكثر من سبعة أعوام (الرسم البياني 4). وجاءت هذه القفزة نتيجة ارتفاع مبيعات القطاع السكني (+51% ليصل إلى 133 مليون دينار) إضافة للنمو الذي سجله القطاع التجاري (+293% إلى 240 مليون دينار)، في ظل استفادة القطاع السكني من قاعدة الأساس المنخفضة في أغسطس 2024. وفي المقابل، تراجع أداء القطاع الاستثماري (-8% إلى 99 مليون دينار). ويتزامن هذا الزخم مع التطورات الإيجابية الداعمة للبيئة التشريعية والتنظيمية، إذ يترقب السوق إقرار مشروع قانون التمويل العقاري، فيما أعلنت المؤسسة العامة للرعاية السكنية خططاً لتطوير ثلاث مناطق جديدة بالشراكة مع القطاع الخاص في مدينة المطلاع وشرق سعد العبد الله وغرب سعد العبد الله. 

•    ارتفاع نشاط سوق المشاريع في الكويت في شهر أغسطس مدفوعاً بتوقيع عقود مشروع محطة الزور الشمالية لتوليد الطاقة وتحلية المياه (المرحلتين الثانية والثالثة). وبلغ إجمالي قيمة العقود المسندة منذ بداية العام الحالي نحو 2.05 مليار دينار (مقابل 2.6 مليار دينار لعام 2024 بأكمله). ويواصل قطاع الطاقة والمياه تصدر أنشطة المشاريع المسندة، يليه قطاع النقل. 

•    كشفت الحسابات الختامية للسنة المالية 2024/2025 عن تقلص عجز المالية العامة. إذ أعلنت الحكومة في موازنة السنة المالية 2024/2025 (والتي تنتهي في مارس) عن تسجيل عجز مالي قدره 1.05 مليار دينار (ما يعادل 2.2% من الناتج) مقابل 1.6 مليار دينار في العام السابق، وبفارق كبير عن تقديرات الموازنة البالغة 5.6 مليار دينار (أنظر الرسم البياني رقم 7، رابط التقرير). ويعود هذا التحسن إلى تراجع قيمة بند النفقات الجارية بنسبة 8.3% على أساس سنوي ليصل إلى 23.1 مليار دينار، نتيجة انخفاض الانفاق على السلع والخدمات (-30%) والمنح (-11%). كما هبطت النفقات الرأسمالية إلى 1.1 مليار دينار، مسجلة أدنى مستوياتها التاريخية. وفي المقابل، انخفضت الإيرادات النفطية بنسبة 10.8% على أساس سنوي متأثرة بتراجع الإنتاج والأسعار، مما انعكس على إجمالي الإيرادات التي تراجعت بنسبة 6.7% على أساس سنوي. إلا أن هذا التراجع تم تعويضه بفضل ارتفاع الإيرادات غير النفطية بنسبة 28% بدعم من النمو الملحوظ للضرائب والرسوم المحصلة.

 

 الجدول 2: معاملات البطاقات المصرفية حسب القيمة
(مؤشِّر تقريبي للإنفاق الاستهلاكي)
المصدر: بنك الكويت المركزي 
 
 الرسم البياني 3: تضخم أسعار المستهلكين
(على أساس سنوي %)
المصدر: الإدارة المركزية للإحصاء

 

•    بعد إقرار قانون الدين العام في أبريل، شرعت الحكومة عبر البنك المركزي في إصدار أدوات دين بقيمة 1.3 مليار دينار خلال الفترة الممتدة ما بين يونيو حتى منتصف سبتمبر. وشملت السندات الحكومية المقومة بالدينار الكويتي آجال استحقاق متنوعة تتراوح ما بين سنة واحدة و3 و5 و10 سنوات. إضافة لذلك، يتوقع أن تتجه الحكومة لاحقاً إلى الأسواق الدولية للاقتراض بالعملة الأجنبية، على الأرجح بدءاً من الربع الرابع من العام الحالي. وتمثل هذه الإصدارات خطوة هامة لتعزيز السيولة المحلية ودعم تمويل المشاريع الاستراتيجية المرتبطة برؤية الكويت 2035. وحتى بعد هذه الإصدارات الأخيرة، ما تزال نسبة الدين العام من الناتج عند مستوى 5.6% فقط، والذي يعد معدل منخفض للغاية مقارنة بالمعايير الدولية.

•    ارتفع عدد سكان الكويت في يونيو 2025 ليتخطى حاجز 5 ملايين نسمة لأول مرة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للمعلومات المدنية، إذ ارتفع العدد الإجمالي للسكان بنسبة 3.7% على أساس سنوي ليصل إلى 5.1 مليون نسمة. وجاء هذا النمو مدفوعاً بزيادة عدد السكان غير الكويتيين (3.7% على أساس سنوي)، في حين شهد عدد السكان الكويتيين انخفاضاً استثنائياً (-0.6% ليبلغ 1.55 مليون نسمة)، (رابط التقرير). وعلى صعيد سوق العمل، نما إجمالي التوظيف بنسبة 3.2% على أساس سنوي، بينما انخفض معدلات توظيف المواطنين الكويتيين بنسبة 3.4%.

•    سجل الائتمان المحلي نمواً بنسبة 0.9% على أساس شهري في يوليو، مدفوعاً بزيادة واسعة النطاق في مختلف أنشطة الإقراض (الرسم البياني 5)، مما رفع معدل النمو السنوي إلى 7.5%، في أعلى مستوى يسجله منذ أكثر من عامين. وجاء هذا الأداء مدعوماً بارتفاع قوي في الائتمان الممنوح للأسر والذي سجل أسرع وتيرة نمو شهرية في ثلاثة أعوام، إلى جانب انتعاش ائتمان قطاع الاعمال بعد التراجع الذي شهده في يونيو. وفي المقابل، ساهم النمو الملحوظ لودائع القطاع الخاص في تعزيز مستويات السيولة، إذ ارتفع إجمالي ودائع المقيمين بنسبة 4.2% على أساس سنوي في يوليو. (رابط التقرير).

•    الكويت تخفض أسعار الفائدة في اعقاب اتخاذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لقرار مماثل في سبتمبر. إذ قام بنك الكويت المركزي بخفض سعر الخصم الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.75%، بما يتسق مع قرار الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة المرجعي بالنسبة نفسها. ويعد هذا الخفض الذي طبقه بنك الكويت المركزي هو الثاني منذ بدء الاحتياطي الفيدرالي دورة التيسير النقدي في سبتمبر الماضي. (ليصل الخفض التراكمي لسعر الفائدة إلى -50 نقطة أساس مقابل -125 نقطة أساس في الولايات المتحدة).
 

 الجدول 4: المبيعات العقارية
 (مليون دينار)
المصدر: وزارة العدل
 
 الرسم البياني5: نمو الائتمان المقدم من البنوك
 (على أساس سنوي %)
المصدر: ك الكويت المركزي

 

التوقعات

عودة النمو الاقتصادي إلى المنطقة الإيجابية في عامي 2025-2026

من المتوقع أن يشهد الاقتصاد الكويتي انتعاشاً في عام 2025 (2.4%) بعد عامين من التراجع الناتج عن ضعف أداء قطاع النفط، على أن تتسارع وتيرة النمو في عام 2026 (4.1%)، في مراجعة تصاعدية عن توقعاتنا السابقة البالغة 3.5% لعام 2026. وسيكون المحرك الأساسي لهذا التحسن هو نمو الناتج النفطي (5.1% في عام 2026) بدعم من ارتفاع إنتاج النفط الخام، إذ تستكمل الدول الثمانية (OPEC-8) ضمن منظمة الأوبك وحلفائها التخلص من شريحة أخرى من خفض حصص الإنتاج (+135 ألف برميل يومياً للكويت)، على أن تبدأ في التخلص من تخفيضات الشريحة الثانية في 2025–2026 (+128 ألف برميل يومياً) قبل الموعد المقرر بعام. ووفقاً للتقديرات المتحفظة، من المرجح أن يرتفع إنتاج النفط الخام الكويتي إلى 2.60 مليون برميل يومياً في المتوسط خلال عام 2026، مقابل 2.47 مليون برميل يومياً في عام 2025 (الرسم البياني 6). إلا أن الضغوط الناتجة عن تخمة الامدادات العالمية دفعتنا إلى تعديل متوسط توقعات أسعار النفط لعام 2026 وخفضها بمقدار 5 دولارات ليبلغ 65 دولار للبرميل.

 

الرسم البياني 6: إنتاج النفط الخام  
(مليون برميل يومياً)
المصدر: OPEC، المصادر الرسمية
   

 

ومن المتوقع أن يستمر تسارع وتيرة نمو القطاع غير النفطي ليبلغ 3.2% في عام 2026 مقابل 2.2% في عام 2025 نتيجة تعافي أنشطة التكرير النفطي بعد الأداء الضعيف المسجل حتى الآن في عام 2025، إضافة إلى عوامل دورية داعمة تشمل انخفاض أسعار الفائدة، وتحسن مستويات ثقة الأعمال، وقوة مستوى الطلبات، إلى جانب إمكانية بدء دورة جديدة من الإنفاق الرأسمالي. وتظهر بوادر هذا التحسن بالفعل في أداء عدد من مؤشرات النشاط غير النفطي، بما في ذلك مؤشر مديري المشتريات، ونمو الائتمان، وانتعاش النشاط العقاري. (برجاء الرجوع إلى قسم "أحدث التطورات" أعلاه).

وتبقى ديناميكيات النمو غير النفطي ناتجة عن توازن دقيق بين ضغوط ضبط الأوضاع المالية وضعف الإنفاق الاستهلاكي من جهة، ومؤشرات متزايدة على انتعاش الإنفاق التجاري والاستثماري من جهة أخرى. ويعزى تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي جزئياً إلى تراجع الزخم الذي أعقب فترة النمو القوي في عامي 2021-2022، فضلاً عن تشديد الرقابة على الإنفاق الحكومي، لا سيما على بند الأجور، والذي قد يتلاشى أثره العام المقبل، إلا أننا لا نتوقع انتعاش حاد بعد انتهاء هذا التصحيح. وفي المقابل، ينعكس ارتفاع الاستثمار في زيادة وتيرة إسناد المشاريع، ونمو ائتمان الشركات بوتيرة أقوى، وتزايد نشاط سوق العقار، إلى جانب احتمال خفض أسعار الفائدة مستقبلاً. ومن شأن جهود الحكومة الرامية لتسريع تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى أن توفر دعماً إضافياً للنمو، رغم تقليص الإنفاق الرأسمالي هامشياً في موازنة العام الحالي. 

وتمثل أحد العوامل التي قد تؤدي إلى تحسن آفاق النمو إقرار قانون التمويل العقاري "الرهن العقاري"، وهي خطوة يتوقع أن ترى النور خلال الأشهر المقبلة (تم إحالته إلى مجلس الوزراء في سبتمبر تمهيداً لإقراره)، مما قد يؤدي لزيادة اقتراض الأسر والإنفاق الاستهلاكي ذي الصلة، إلا أن الأثر الإيجابي الكامل لهذا القانون من غير المتوقع أن يظهر فور اعتماده، بل سيتبلور تدريجياً مع استكمال البنية التحتية اللازمة لتفعيله. ويأتي هذا القانون في إطار جهود الحكومة الهادفة إلى تحفيز نمو القطاع الخاص وتسريع وتيرة التنويع الاقتصادي بعيداً عن النفط، انسجاماً مع مستهدفات رؤية الكويت 2035.

استمرار العجز المالي ومواصلة جهود ضبط أوضاع المالية العامة

سجلت الموازنة العامة عجزاً أقل من المتوقع في السنة المالية 2024/2025 قدره 1.05 مليار دينار (2.2% من الناتج، مقابل توقعات بنك الكويت الوطني البالغة 1.9 مليار دينار)، مما وفر قاعدة انطلاق أقوى لهذا العام والعام المقبل (الرسم البياني 7). وساهم في ذلك حزمة من الإجراءات الحكومية التي اتخذت خلال العام الماضي لتعزيز الاستدامة المالية، من بينها إعادة تسعير الرسوم والخدمات الحكومية، وزيادة قيمة الغرامات والعقوبات، إلى جانب تطبيق ضريبة الحد الأدنى التكميلية بنسبة 15% على أرباح الشركات متعددة الجنسيات اعتباراً من يناير 2025، بما يتسق مع إطار مشروع مكافحة تآكل الوعاء الضريبي ونقل الأرباح (BEPS) لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. في المقابل، أبقت الحكومة الإنفاق في موازنة السنة المالية 2025/2026 عند مستوى 24.5 مليار دينار، دون تغيير عن العام السابق، (ما يمثل خفضاً بالقيمة الحقيقية). ورغم هذا الانضباط، نتوقع اتساع العجز إلى 4.3% من الناتج في السنة المالية 2025/2026، بما يعكس توقعات تراجع الإيرادات النفطية. ويعد هذا العجز المرتقب عاشر عجز تسجله المالية العامة خلال السنوات الإحدى عشرة الماضية.

ومن المتوقع تحسن الاستدامة المالية على مدى سنوات عدة، ما قد يستدعي جولة جديدة من تشديد الإنفاق وطرح تدابير إضافية لتعزيز الإيرادات خلال السنة المالية 2026/2027. وتفترض التوقعات تطبيق ضرائب انتقائية على التبغ والمشروبات المحلاة اعتباراً من السنة المالية 2026/2027، يليها تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% في العام التالي، ما قد يساهم بإيرادات إضافية تعادل 1–2% من الناتج (مقارنة بالإيرادات غير النفطية المتوقعة بنسبة 6% هذا العام). وفي المقابل، نقدر نمو النفقات بنحو 1% فقط سنوياً خلال هذا العامين الحالي والمقبل، انسجاماً مع توجهات الحكومة نحو تحقيق وفورات وكفاءة أعلى في القطاع العام، مع احتمال خفض مخصصات الدعوم جزئياً. وفي المقابل فإننا نتوقع زيادة الإنفاق الرأسمالي، الذي تقلص تراكمياً بنحو 35% في الموازنات الأربع الأخيرة في إطار جهود الحد من العجز. ومن شأن هذا النهج المالي المتحفظ أن يضغط على الطلب المحلي والإنفاق، لكنه يساهم في خفض عجز المالية العامة تدريجياً لنحو 5.4% من الناتج بحلول السنة المالية 2026/2027، في ظل التراجع المتوقع لأسعار النفط.

 

الرسم البياني 7: وضغ المالية العامة 
(مليار دينار، على أساس السنة المالية) 
المصدر: وزارة المالية، تقديرات بنك الكويت الوطني، b تشير إلى اعتماد الميزانية
   

 

ويوفر إقرار قانون التمويل والسيولة (الدين العام) في أبريل (بعد توقف دام ثماني سنوات) مرونة أكبر في تمويل عجز المالية العامة، ويخفف من الضغط على سيولة صندوق الاحتياطي العام، والتي طالما أثار تآكلها مخاوف رسمية في السنوات الأخيرة. وتمت تغطية الجزء الأكبر من العجز المتوقع للسنة المالية الحالية، والبالغ 2.1 مليار دينار، عبر إصدارات أدوات الدين بقيمة 1.3 مليار دينار منذ بداية العام، مع ترجيح إصدار المزيد من أدوات الدين قبل نهاية العام الحالي. وحتى بافتراض تمويل القيمة الكاملة لعجز الموازنة للعامين الحالي والمقبل باستخدام ادوات الدين، فإن نسبة الدين الحكومي إلى الناتج سترتفع إلى نحو 13% فقط، والتي تعد واحدة من أدنى المستويات عالمياً وفقاً للمعايير الدولية. كما يساهم قانون الدين العام، إلى جانب التقدم في إصلاحات المالية العامة، في معالجة المخاوف التي أثارتها وكالات التصنيف الائتماني والتي كانت وراء خفض التصنيف السيادي منذ بداية الجائحة.

التضخم منخفض ومستقر، وأسعار الفائدة آخذة في الانخفاض.

نتوقع بقاء معدل تضخم مؤشر أسعار المستهلكين قريباً من مستوياته الحالية (2.4%) خلال الفترة المتبقية من عام 2025 وخلال عام 2026، مدفوعاً بضعف الإنفاق الاستهلاكي والنمو غير النفطي المعتدل. إلا أن تسارع وتيرة تضخم أسعار الغذاء خلال أشهر الصيف، والذي يرجح ارتباطه بعوامل محلية، يستحق متابعة دقيقة. كما تبقى هناك إمكانية لتصاعد المخاطر التضخمية في عام 2026، والتي قد تنشأ عن خفض الدعوم او زيادة الضرائب غير المباشرة.  

وقد تبنى بنك الكويت المركزي مساراً أكثر تدرجاً في خفض سعر الخصم (حالياً عند 3.75%) مقارنة بالاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، انسجاماً مع أوضاع الاقتصاد المحلي. وتعكس تسعيرات العقود الآجلة حالياً توقعات بخفض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس خلال العام الحالي، و75 نقطة أساس أخرى في عام 2026.

الإصلاحات ستطلق العنان لنمو اقتصادي أسرع

على المدى الطويل، يتطلب تحقيق معدلات نمو غير نفطي أسرع وأكثر استدامة تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الهيكلية (تشمل تحسين مناخ الأعمال، وتعزيز كفاءة سوق العمل، ورفع كفاءة القطاع العام) وهي مجالات سجلت فيها الكويت أداءً دون مستوى نظيراتها في دول الخليج خلال السنوات الماضية، نتيجة بعض القيود المؤسسية. وقد أبدت الحكومة التي تم تشكيلها في مايو 2024 زخماً تشريعياً أكبر مقارنة بالحكومات السابقة (خاصة على صعيد سياسات المالية العامة)، إلا أن تقديم أجندتها للسنوات القادمة تأجل في أبريل 2025، تزامناً مع الاضطرابات التي شهدتها الأسواق العالمية نتيجة الرسوم الجمركية.

وفي قطاع النفط، أسفرت تخفيضات حصص الإنتاج المرتبطة باتفاقيات الأوبك وحلفائها عن بقاء الناتج النفطي الفعلي أقل بنسبة تتراوح بين 15-20% من الطاقة الإنتاجية القصوى البالغة 3.0 ملايين برميل يومياً، مما يشير إلى وجود هامش كبير لنمو الإنتاج مستقبلاً إذا سمحت أوضاع السوق العالمية. وتسعى مؤسسة البترول الكويتية لرفع الطاقة الإنتاجية إلى 4.0 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2035، مستندة إلى التوسعات الأخيرة في قطاع التكرير، والتي تعد من بين أكبر مشاريعها في السنوات الماضية.

 

حمّل التقرير >