آفاق الاقتصاد الكلي: البحرين، عمان وقطر
25.11.2025
من المتوقع أن يتحسن النمو الاقتصادي في البحرين وعُمان وقطر بشكل عام في عام 2026، مدفوعاً بسياسات نقدية أكثر مرونة واستمرار جهود الإصلاح الحكومية. ونتوقع أن تضغط بيئة أسعار النفط المنخفضة على وضع المالية العامة في البحرين، إذ يُتوقع أن يتسع العجز رغم جهود الضبط المالية العامة. وفي المقابل، فتتحسن افاق النمو الاقتصادي لعُمان نتيجة تسارع النمو غير النفطي في ظل نجاحها في تنفيذ الإصلاحات. أما في قطر، فستبقى افاق النمو قوية بفضل النمو في القطاع غير النفطي واقتراب تدشين مشاريع توسعة الغاز الطبيعي المسال.
البحرين: نمو قوي خلال العام القادم مع توسع عجز المالية العامة
من المتوقع أن يسجل اقتصاد البحرين نمواً جيداً في عام 2026، رغم استمرار ضغوط المالية العامة التي تلقي بظلالها على التوقعات. وسيقود القطاع غير النفطي النمو بمعدل 3.3% في 2025 و3.1% في 2026، مدعوماً بجهود التنويع الاقتصادي، ونشاط قوي في قطاع الخدمات، وانخفاض أسعار الفائدة. أما إنتاج النفط الخام، فيُتوقع أن يستقر في 2026 مع تحسن أوضاع السوق وذلك بعد ست سنوات من الانكماش. كما أن معدل التضخم، والذي سيبلغ في المتوسط نحو 0.3% في 2025، سيرتفع إلى 1.7% في 2026 مع تحسن زخم النمو الاقتصادي واستمرار سياسة التيسير النقدي.
وتشير التقديرات إلى أن انخفاض أسعار النفط الخام سيضغط على وضع المالية العامة والقطاع الخارجي، إذ يُتوقع أن يتسع عجز الموازنة العامة إلى 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي في 2025 و8.5% في 2026، مما قد يرفع الدين العام الإجمالي إلى نحو 135% من الناتج المحلي الاجمالي بنهاية 2026. وعلى صعيد القطاع الخارجي، فيتوقع أن يتقلص فائض الحساب الجاري إلى 3.4% في 2025 و1.6% في 2026، فيما تبقى الاحتياطيات من العملات الأجنبية منخفضة عند ما يزيد قليلاً عن شهر من الواردات من السلع والخدمات. ويؤكد ذلك الحاجة إلى إصلاحات هيكلية لزيادة مرونة المالية العامة، خصوصاً للحد من مسار الدين العام وتكاليف خدمته المتزايدة. ومع ذلك، فمن المتوقع أن تعتمد البحرين عند الحاجة على دعم مالي متجدد من شركائها الخليجيين الرئيسيين، كما حدث سابقًا، للحفاظ على مستوى مقبول من الاحتياطيات الخارجية واستقرار الدينار البحريني.
عُمان: زخم نمو قوي مدعوم بالإصلاحات
سيكتسب النشاط الاقتصادي في عُمان مزيدًا من الزخم خلال فترة التوقع، مع ارتفاع نمو الناتج المحلي الاجمالي إلى 3.2% في 2025 و4.0% في 2026، مدفوعًا بنمو ثابت في القطاع غير النفطي (بمتوسط 3%) وتوسع سريع في القطاع النفطي (2.0% في 2025 و5.4% في 2026). وستقود قطاعات البناء والصناعة والتجارة والسياحة النشاط في القطاع غير النفطي، بينما سيستفيد القطاع النفطي من زيادة الإنتاج في ظل استمرار أوبك+ في تخفيف القيود على الإمدادات. كما سيبقى معدل التضخم منخفضاً عند مستوى 1.3% في 2026 (مقابل 0.9% في 2025)، مدعوماً باستقرار مستويات أسعار الغذاء والطاقة.
كما يُتوقع أن يتحول وضع المالية العامة من فائض صغير في 2024 (1.3% من الناتج) إلى عجز قدره 1.6% بحلول 2026. ومع ذلك، فإن الانضباط المالي وزخم الإصلاحات، إلى جانب سداد الديون خلال سنوات الطفرة النفطية، عزز الاستقرار الكلي وخفض مستوى الدين العام إلى نحو 34% من الناتج المحلي الإجمالي في منتصف 2025، مما أدى إلى ترقية لتصنيفها الائتماني في 2024. لكن ارتفاع متطلبات التمويل والنمو الاسمي المعتدل قد يدفع الدين العام (باستثناء ديون الشركات الحكومية) للارتفاع إلى 37.5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2026. وبالإضافة إلى ذلك تعد الاحتياطيات من العملات الأجنبية كافية (18.5 مليار دولار)، وتغطي نحو أربعة أشهر من الواردات.
ورغم استمرار الاعتماد على النفط والمخاطر الجيوسياسية الإقليمية، فإن هذه أثر هذه التحديات سيبقى محدوداً بفضل نجاح الإصلاحات التي عززت المرونة ودعمت آفاق النمو غير النفطي. ويهدف برنامج الإقامة الذهبية لمدة عشر سنوات إلى جذب المستثمر طويل الأجل والمهنيين ذوي المهارات، فيما يُتوقع أن يساهم تطبيق ضريبة دخل شخصية بنسبة 5% على أصحاب الدخول المرتفعة اعتبارًا من 2028 وهي الأولى في الخليج في تنويع الإيرادات وتحسين استدامة المالية العامة.
قطر: دفع الإصلاحات يعزز آفاق القطاع غير النفطي
يتوقع أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي من 2.7% في 2025 إلى 3.2% في 2026، بقيادة القطاع غير النفطي الذي سينمو بنسبة 3.7% في 2026 مقابل 3.5% في 2025، مدفوعاً بقطاعي التجارة والخدمات، ويبرز قطاع السياحة مع زيادة أعداد الزوار ومعدلات إشغال الفنادق سنوياً، مستفيداً من خبرة الدولة في تنظيم كأس العالم والفعاليات الكبرى. كما تأتي التوقعات مدعومة بزخم الاستثمار والإصلاحات ضمن الاستراتيجية الوطنية الثالثة للتنمية، والتي تهدف إلى تحويل النمو الاقتصادي من القطاع العام إلى الخاص عبر تطوير عناقيد ضمن قطاعات الصناعة والخدمات اللوجستية والسياحة، إلى جانب خطة توسعة الغاز الطبيعي المسال وما لها من آثار إيجابية. وسيعزز انخفاض تكاليف الاقتراض مع التيسير النقدي الاستهلاك والطلب على الائتمان. وفي المقابل، نتوقع أن يكون النمو ضمن قطاع الهيدروكربونات متحفظاً (2.2% في 2026) بسبب تأخر تشغيل وحدات توسعة الغاز في مشروع حقل الشمال الشرقي، والمتوقع في النصف الثاني من 2026. وسترتفع الطاقة الإنتاجية للغاز بشكل كبير بعد ذلك، لتزيد بنسبة 63% إلى 127 مليون طن سنوياً بحلول 2028. أما التضخم فسيبلغ في المتوسط 0.4% في 2025 وسط انخفاض أسعار الإيجارات والنقل، ليرتفع إلى 1.4% في 2026 مع بقائه ضمن مستويات معتدلة.
وسيدفع ارتفاع النفقات العامة وانخفاض عائدات الطاقة إلى تسجيل عجز طفيف في المالية العامة لا يتجاوز 1% من الناتج المحلي الإجمالي خلال 2025-2026، لينقلب إلى فائض بحلول عام 2027 مع زيادة إنتاج الغاز في 2027، مما يحقق مكاسب كبيرة لصادرات الغاز الطبيعي المسال. أما الدين العام فسيواصل الانخفاض (إلى 38.4% في 2026)، مدعومًا بنمو قوي في الناتج المحلي الاسمي. وتشمل التحديات انخفاض أسعار الطاقة نتيجة تباطؤ الاقتصاد العالمي، والتوترات الجيوسياسية الإقليمية (التي ظهرت لفترة خلال حرب غزة في 2025، وإن كان أثرها الاقتصادي محدودًا على قطر حينها). الأصول السيادية الكبيرة، وإصلاحات الاستراتيجية الوطنية، والسجل القوي في تنفيذ المشاريع تعزز المرونة وتقوي التوقعات.